السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في (منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة) لحبيب الله الهاشمي الخوئي ج 17ص 291، قال: ((وبالجملة أنّ الآيات القرآنيّة تدلّ على أنّ الجنّ مكلَّفون كالإنس، ولا ريب أنّ من شرائط التكليف أن يكون المكلَّف عاقلا، فلهم عقل وتمييز، ولذا هدى هؤلاء النفر من الجنّ عقولهم إلى الهداية والرشد، حيث قالوا: (( إِنَّا سَمِعنا قُرآناً عَجَباً * يَهدِي إِلَى الرُّشدِ فَآمَنَّا بِه ِ وَلَن نُشرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً )) (الجن:1-2) )).
وفي تفسير الأمثل ج 10 ص 223، قال:
((فقد ذكرنا أن الجنّ نوع من المخلوقات التي لها عقل وشعور واستعداد، وعليها تكليف، وهي محجوبة عن أنظارنا نحن البشر، ولذلك سمّيت بالجنّ، وهم - كما يستفاد من آيات سورة الجنّ - كالبشر منهم المؤمنون الصالحون، ومنهم الكافرون العصاة)).
أمّا بالنسبة الى سؤالك الأخير، فنقول:
أولاً: نؤمن بما قاله القرآن الكريم الذي حدث عن تخليق الانسان بانه في احسن تقويم وهناك روايات عديدة تنص على هذا المطلب.
ثانياً: اما الخوارق التي ذكرتموها لميزة الجن على الانس والبشر لا يستطيعون فعلها فهذا يتعلق باصل خلقة الجن لان الجن قد خلق من النار والنار سريعة الاشتعال دون الانسان الذي خلق من الطين ولكن ليست هذه فضيلة في الجن ومن هنا نشاهد ان الانسان لو اراد ان يستغل روحانيته ونورانيته استغلالا صحيحا لتمكن من الوصول الى مستويات من الرقي والعلو والنورانية ما لا يخطر ذلك لدى الملائكة المخلوقين من النور ناهيك عن الجن. ولهذا نشاهد وصول رسول الله (صلى الله عليه وآله) في عروجه الى مرحلة بحيث قال جبرائيل تقدم يا رسول الله ليس لي ان اجوز هذا المكان ولو دنوت انملة لاحترقت.
مضافا الى ذلك نقول: قد وردت الاحاديث الكثيرة التي تفضل الانسان على الملائكة وان الملائكة خدام المؤمنين وان الملائكة لتضع اجنحتها لطالب العلم واذا مات المؤمن بكت عليه الملائكة وغيرها من الروايات التي تفضل المؤمنين على الملائكة فكيف بالجن وهو دون الملائكة في الفضل والكرامة.
ومضافا الى ذلك اجمع العلماء على افضلية واشرفية الانسان على كل من الحيوانات والجان والملائكة كما ورد في الروايات وهكذا الاية التي تفضل الانسان على كثير من الخلائق حيث قال الله تعالى (( لَقَد خَلَقنَا الإِنسَانَ فِي أَحسَنِ تَقوِيمٍ )) (التين:4) وهكذا يقول في مكان آخر (( وَلَقَد كَرَّمنَا بَنِي آدَمَ ... وَفَضَّلنَاهُم عَلَى كَثِيرٍ مِمَّن خَلَقنَا تَفضِيلاً )) (الإسراء:70).
لو قيل: ان في هذه الاية اشارة الى التبعيض وهو التفضيل على كثير من المخلوقات وليس على كل المخلوقات ؟ قلنا: لم يرد التبعيض في هذه الاية بل تجري مجرى قوله تعالى (( وَلَا تَشتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً )) (البقرة:42) والمعنى لا تشتروا بها ثمنا وكل ثمن تأخذونه عنها قليل ولم يرد المنع من الثمن القليل خاصة. ونظائر هذا في الشعر والكلام الفصيح لا تحصى.
فعلى ما ذكرنا يظهر بان المراد في الاية هو: انا فضلناهم على جميع من خلقنا وهم كثير فجرى ذكر الكثرة على سبيل الوصف المعلق لا على وجه التخصيص.اما عقلية الجن وكونهم من اهل العقل الذي هو موجود في الانسان فيظهر من بعض الايات والروايات ايضا انهم كالانسن ولا ميزة بينهما حيث يقول الله تعالى (( وَلَقَد ذَرَأنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الجِنِّ وَالإِنسِ لَهُم قُلُوبٌ لَا يَفقَهُونَ بِهَا وَلَهُم أَعيُنٌ لَا يُبصِرُونَ بِهَا وَلَهُم آذَانٌ لَا يَسمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنعَامِ بَل هُم أَضَلُّ )) (الأعراف:179)
والخلاصة: ان من بعض الروايات والايات يظهر تساويهما في الفضل ومن بعضها واقوال العلماء يظهر ان الانسان افضل من كل ما خلق الله كما ذكرناه.
ودمتم في رعاية الله