مسيح زينب

مسيح زينب

مسيح زينب



ـ أيقظوا مشاعركم وأيقظوا مشاعري ومشاعر كل من يسمعكم....أريده أن يكون ثورة تشعل في نفوسكم كل احساس..فتغير الجذور الجذور

نظرت من حولي ...والكل مصدوم في هذا القول...ترى ما عسانا ان نفعل ؟؟ وكيف سننهي المطلوب وننجزه؟ ماذا سنختار ؟؟ وما الذي سيوقظ مشاعرنا؟

فتشت في عيون أصدقائي....والقاعة ممتلئة بالزملاء....ووحدها عيون ذاك الشاب سلبت نظراتي نحوها ....وربما قد أوحى الي أنه يستطيع ان (يوقظ المشاعر)

اقتربت منه ....والصليب معلق في رقبته ...فسألته بصوت منفض :

الأمر صعب ...اليس كذلك؟؟

فقال لي : ربما....لكن اذا بحثنا وحاولنا واجتهدنا بالتأكيد سنصل للحل..


همس في أذني بضع كلمات ...فابتسمت بسمة صغيرة ثم قلت له : فكرة رائعة‍!! لكن ما الذي أوصلك لهذه النتيجة؟؟؟ ومن الذي قال لك أننا هكذا؟

فقال لي : تصرفاتكم واعمالكم ...وهذا سيكون موضوع بحثي الذي طلبه منا الدكتور...والذي سيوقظ المشاعر

غضبت قليلا بين البسمات التي اصطنعتها ...ثم أجبته : حسنا هذا شأنك ..لكن أنصحك أن تقرأ كثييرا عن الموضوع وأن تتطلع عليه عن كثب ...لأنك مخطئ بالفكرة!

اجابني : طبعا لن اقدم البحث حسب وجهة نظري...سأقدمه بكل موضوعية مقرونا بالدلائل والبراهين وساتحدث عن تطرف الشيعة وانغلاقهم على أنفسهم..!!

وكانه أشعل في قلبي شرارة....اردت ان اجيبه لكنني كظمت غيظي وخرجت مسرعا من القاعة..


وبخروجي من القاعة بدأت القصة...أحببت أ أواكب صديقي المسيحي الذي سيعد بحثا عن الشيعة وتطرفهم والذي سيلقيه امام طلاب الجامعة كافة مشوها صورتنا....أحببت أن اطلع على كل فعل يقوم به وكل نتيجة يتوصل اليها...

بدأ الشاب المسيحي بكتابة البحث واعداده وكان عنوانه : مسيح زينب...!!

وقد اختار اسلوب السرد القصصي كطريقة لعرض البحث....زمان البحث وتاريخه ممتد من آلاف السنين الى يومنا هذا...مكانه حقل يسمى (حقل السنونو)!! اما البطل فيه ..فهو طائر السنونو!!

تعجبت جدا لهذه الخيارات التي لا دخل لها بالموضوع الذي اختاره!!! ما علاقة السنونو بالشيعة وتطرفهم؟؟ ما هو بالأصل حقل السنونو؟؟ ولماذا سمى البحث : مسيح زينب!! حتما هذا امر غريب وبحث عجيب


ولشدة استغرابي..قمت بسؤاله ذات يوم . ما الذي دفعك لاختيار السنونو...وما علاقته بالشيعة؟؟

فأجابني : انا احب طائر السنونو لانه يبني منزله وسط بيوت الناس ويعيش معهم ....وأحببت ان ادخل من خلاله لبحثي...حاولت ربطه بالشيعة ..وقمت بالبحث عن رابط متين...فوجدت معلومة تقول ان طائر السنونو كان يحضر واقعة كربلاء.!! وكان يبكي على رجل منكم يدعى الحسين!! وهذا اثار فضولي اكثر واكثر للبحث عن كربلاء..وعن ذاك الرجل الذي يسمى الحسين...وبدأت بكتابة بحثي على هذا الاساس..وصولا الى حقل السنونو الذي سيكون خلاصة البحث والفكرة الاساس التي يدور حولها..

سررت من كلامه اذ انه سيطلع على سيرة الامام الحسين وحوادث كربلاء...وسيرى حتما ما هي عاشوراء...لكن سؤالا يبقى في قلبي عالقا : ما هووو حقل السنونو؟؟


والاجابة عن سؤالي لن تكون الا بقراءة البحث...واليكم بحث الشاب المسيحي الذي سانقله بلسان حاله ...والذي سيتكلم فيه هو بصيغته الخاصة ووجدانه وشعوره...

البحث :

في قلبي جرح لا دواء له..ولا أب له..حتى غدا مسيحا..!
جرحي ولد من رحم إمرأة تدعى كربلاء ..فكان معجزة كمعجزة عيسى..جرحي قد أكلت شمس الدرب منه ما أكلت..حتى صلب كالمسيح..وتبين فيما بعد أنه شبه لي..
فمذ أن انطلق الحسين من مدينة جده رافضا مبايعة يزيد رافقه طائر السنونو في الركب!! وكان مع القافلة قمرا يدعى أبا الفضل العباس وكان البدر الهاشمي علي الأكبر ؛ كان الملاك الجبرائيلي القاسم بن الحسن..وكان الأصحاب الأوفياء الأوفياء..
والأهم من ذلك كله..أن السنونو كان يرفرف فوق رأس امرأة لا أدري ما سرها!! لا أدري لما ترك السنونو الحسين والعباس وكل من وجد من البدور ..واختار تلك الإمرأة الحزينة !! ترى ما اسمها ؟ من تكون؟


وببضع إشارات من ذاك الطائر عرفتها..إنها زينب أخت العباس والحسين..وآه لذلك الإسم كم يحوي من روايات لا تنتهي


حط الرحال بهم في أرض تسمى كربلاء..وطائر السنونو يقف على باب خيمة الحوراء زينب..ينظر إلى الأطفال العطاشى تارة وإلى الأبطال في الميدان طورا..فالأصحاب كلهم قد استشهدوا بعد أن أعلن الأعداء الحرب على الحسين..وقد حان الآن دور آل البيت..تقدم الأكبر وأمه ليلى تبكيه..فقطعوا أوصاله بعدما قتل العدد الكبيرمنهم ..
رفرف طائر السنونو نحوه..ما الذي يفعله ؟! ماذا يستطيع أن يقدم للأكبر ؟ ليته يأخذ روحه ليطير بها نحو الملكوت الأعلى..
لكنه لم يجد شيئا يفعله سوى أن يعود الى باب الخيمة ليواسي زينب!

استشهد الأكبر ابن الحسين..فتقدم  الأسد المغوار..ذاك الفتى الصغير القاسم بن الحسن أخو الحسين..وقتل من قاتل من الأعداء..حتى ضربوه بالسيف على رأسه وأمه رملة تهتف من خيمتها : واقاسماه..
طائر السنونو يزداد في حيرته أكثر فأكثر ..لكنه لا يجد حيلة إلا مواساة العقيلة زينب!!


والمصاب الأكبر الأعظم..أن كفيل زينب وحامل لواء الحسين....البدر الذي يسمى العباس .. قد آلمه صوت الاطفال..وهم يصرخون العطش العطش..فتوجه نحو المشرعة ليملأ القربة بالماء..إلا أن الأعداء قد واجهوه..حاول طائر السنونو أن يلوذ عنه أو يفديه..لكن سيوف القوم قطعت كفي العباس وسهامهم أطفت النور بعينيه..وعامود الغدر طبر رأسه كرأس والده حيدر .فراح الكفيل..وطائر السنونو لا يدري ما السبيل ؟؟ لعل أفضل ما يفعله الآن هو مواساة زينب!!
وصوت آلم قلبه ..أشعل نيرانه ..أدمى فؤاده..صوت منه انطلقت كل كلماتي .ذاك الصوت الذي سيوقظ مشاعري كما أوقظ مشاعر كل الكون ..إنه صوت : ألا من ناصر ينصرنا..

 قتل الحسين عندها انفجرت مقل طائر السنونو وخصوصا أن الشمر قد قطع رأسه وقام برفعه على القنا..
لم يبق لا سماء ولا حجر ولا ورد ولا شجر إلا بكاه..وقد شارك طائر السنونو بالعزاء..
ظل يبكي ويبكي...حتى مات من البكاء...ومات بحزنه على مصاب الحوراء...وقد أورث حب زينب الى ابنه...فتقدم ابن السنونو..وأكمل النحيب والعزاء...وهناك مسير ينتظره ...سيرافق زينب في سبيها من كربلاء الى الشام


فقد قرر الأعداء سبي زينب والأطفال ورجل عليل بقي من أولاد الحسين يدعى زين العابدين..
وقد صمم طائر السنونو أن لا يتركهم خصوصا ان حب زينب قد انتقل من قلب والده الى قلبه فسكن فيه... درب طويل من كربلاء للشام وفي قصر يزيد ذاك الطاغي الذي امر بقتل الحسين...وقفت زينب أمام الجميع.أمام من قتل إخوتها وأبناءها ..أمام من سباها وآلمها..وقالت كلمات لم يفهمها السنونو ..فقد ظنها مجرد كلمات..من قلب محروق ..خصوصا لما هتفت : لن تمحو ذكرنا..
فالسنونو يعلم أن جميع الرجالات قد قتلوا.ولم يبق إلا زين العابدين..فكيف لزينب أن تقول (لن تمحو ذكرنا)؟!
وكيف نادى الحسين في آخر لحظاته (ألا من ناصر ينصرنا) وهو يعلم أن ما من مجيب للنداء!!
ظل طائر السنونو يسأل نفسه..ويحاول أن يجد جوابا لكل تلك الأقاويل ..لكنه لم يصل إلى أي نتيجة!