فضيلة ستر عيوب الناس

فضيلة ستر عيوب الناس

 غالباً ما يتصف الافراد بالعيوب لأن الانسان في تكوينه غير معصوم عن الخطأ فالله وضع العصمة للأنبياء والاولياء الصالحين لذا فان الانسان مع هذا المنطلق يجد نفسه امام هفوات اذا لم يحافظ على نفسه ويحميها. فيرتكب أخطاء قد يطلع عليها الغير .....

 

    لكن هل يحق للآخرين الاشهار بالناس وبأفعالهم ؟

 

    الجواب لا يجوز لاحد الاشهار بعيوب الاخرين فالإمام علي (عليه السلام) يقول (ان للناس عيوباً فلا تكشف ما غاب عنك فأن الله سبحانه يحكم عليها وأستر العورة ما استطعت يستر الله سبحانه ما تحب ستره).

 

    كما الاشهار بهم يعني هتك الحرمة واذا كشفت عيوبهم فتكون جرأة لهم في ارتكاب المعاصي والآثام امام الناس من غير مهابة احد لأنه كان يعمل الذنب بعيداً عن اعين الناس اما اذا عرف عند الجميع فلا داعي لعمله سراً فيصبح غير مراعياً لأحد فيكون الشخص المتكلم عن المذنب قد ساهم في نشر فاحشة في المجتمع( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ).

 

    و الله يأمر بالستر وهو خير الساترين قال الامام علي (عليه السلام) (ان الله ستر وكأنه غفر) ودعاء الامام زين العابدين(عليه السلام) (اللهم لك الحمد على سترك بعد معرفتك) فالله مع علمه بخفايا القلوب وما يضمره الانسان في داخله الا انه يستر على ذنوبه عسى وان يعود من غيه ويرجع الى صوابه.

 

    واذا كان الله هو من يأمرنا بالستر فليكون الانسان هو الحجاب الساتر لأخيه عن الامام الصادق (عليه السلام) ( من ستر على مؤمن عورة يخافها ستر الله عليه سبعين عورة من عورات الدنيا والآخرة)

 

    بشرط ان لا تكون تلك العيوب تسبب دماراً للمجتمع كمثال القتل الذي لابد من اشهاره كي يضع حد لمرتكبه فأذا لم تسبب دماراً عاماً فيجب تغطيتها مع الاخذ بنظر الاعتبار الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وطريقة الارشاد والنصيحة التي قد ترجع الشخص الى سابق عهده ويتوب عن ما أرتكبه.

 

    ولابد للذي يحب التحدث عن ما في الناس من مساوئ ان يتذكر عيوبه اولاً وبدل من ان يشغل نفسه بهم ان يرى اعماله ويقوم بتحسينها فان اصلاح الدار اوجب من انتقاد الجار.

 

    عن الامام علي (عليه السلام) (يا ايها الناس طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس وطوبى لمن لزم بيته واكل قوته واشتغل بطاعة ربه وبكى على خطيئته وكان من نفسه في شغل والناس منه في راحة وأجتناب الفساد في الارض)

 

    ويقول (عليه الصلاة والسلام) في كلام له في النهي عن عيوب الناس:

 

    (فكيف بالعائب الذي عاب اخاه وعيره ببلواه أما ذكر موضع ستر الله عليه من ذنوبه مما هو اعظم من الذنب الذي عابه به وكيف يذمه بذنب قد ركب مثله فأن لم يركب ذلك الذنب بعينه فقد عصى الله فيما سواه مما هو اعظم منه وأيم الله لم يكن عصاه في الكبير وعصاه في الصغير لجرأته على عيب الناس أكبر )

 

    وهنا بيان لوجوب الابتعاد عن عيوب الناس والانشغال بعيوب النفس فهي احق بالإصلاح وفي حديث للأمام علي(عليه السلام) يصف به الذي يلحق عيوب الناس بالذباب الذي يلحق الشيء الفاسد:

 

    (الاشرار يتبعون مساوئ الناس ويتركون محاسنهم كما يتبع الذباب المواضع الفاسدة )

 

    وفي كلام له (عليه السلام):

 

    يا عبد الله :لا تعجل في عيب احد بذنبه فلعله مغفور له ولا تأمن على نفسك صغير معصية فلعلك معذب عليه فليكفف من علم منكم عيب غيره لما يعلم من عيب نفسه وليكن الشكر شاغلاً على معافاته مما ابتلي به غيره فلا يستعجل الانسان بفضح اخيه لعله أفضل منه وقد يكون قد تاب وغفر الله له فيكسب الشاهر الذي ينشر الاقاويل والتحدث عن هذا وذاك سخط الله وغضبه.

 

    فهذه ادلة كافية لكي نتعظ جميعاً اذا كنا فعلاً نتبع ما قاله الله وأكده الرسول وأهل بيته الكرام من احاديث تنبه على أن فعل عدم الستر على اخطاء الاخرين اخرته العذاب واذا كانت النهاية وخيمة ومخزية لنعاهد انفسنا على اتباع منهاج اهل البيت(عليهم السلام) وما نهونا عنه>