يقول الإمام الكاظم (عليه السلام): (ليس منا من لم يحاسب نفسه كل يوم!.. فإن عمل حسناً، استزاد الله.. وإن عمل سيئاً، استغفر الله منه، وتاب إليه).
النقد والمحاسبة أداتان رئيستان، من أدوات تصحيح السلوك والفكر.. وأنّ من صفات المؤمن، هي محاسبة النفس، وإجراء التحقيق المستمر معها.. ذلك لأن المحاسبة، عبارة عن عملية تنقيح مستمرة للشخصية، وإعادة بناء الذات.
ويشخص جده المصطفى (صلى الله عليه و آله) للإنسان، حقيقة أخرى، يلفت نظره إليها، ويحذره منها، حيث يقول : (ألا أُنبئكم بأكيس الكيِّسين، وأحمق الحمقاء!.. قالوا : بلى يا رسول الله، قال : أكيس الكيِّسين من حاسب نفسه، وعمل لما بعد الموت، وأحمق الحمقاء من أتبع نفسه هواه، وتمنى على الله الأماني)..
وهي : أنّ الإنسان إن لم يحاسب نفسه، على تقصيره وخطئه، فإنّ الله يحاسبه، والناس يحاسبونه، والقانون يحاسبه، ويسأله الجميع على تقصيره وإساء ته، وسيتحمل نتائج ذلك ومسؤوليته.. وعندئذ، سيجد نفسه في قفص الاتهام، يقف أمام أسئلة كثيرة، لا يملك لها جواباً مقنعاً ومقبولاً.
وإنّه لو أخضع نفسه وعمله للحساب، ووقف وقفة تأمل، وخلا بنفسه، أو بمن يثق به من الأهل والأصدقاء والناصحين له، وقيّم عمله ومواقفه، وسلوكه، لاستطاع أن يكتشف نقاط الضعف، ويشخص مواطن التقصير فيعالجها.
فالرسول (صلى الله عليه و آله) يقدّم النصيحة، في مبادئ التربية، والتنظيم الدقيق، لمسيرة الإنسان، وسلوكيته، ومواقفه، عندما يقول له : (حاسِبوا أنفسكم قبل أن تُحاسَبوا، وزنوها قبل أن تُوزنوا، وتجهزوا للعرض الأكبر).
ويقول النبي (صلى الله عليه و آله): (عوّدوا قلوبكم الترقـب - الإحساس بالرقابة - وأكثروا التفكر والاعتبار).
ويقول الإمام علي (عليه السلام): (اجعل من نفسك على نفسك رقيباً، واجعل لآخرتك من دنياك نصيباً).
راقب نفسك وحاسبها بنفسك!.. وإذا عشت في الدنيا، فلا يكن كل ما عندك دنيا!.. بل اجعل لآخرتك نصيباً!.. لأنّك سوف تغادر الدنيا، وتصل الآخرة.. ولا بد أن تعمل، لكي يكون لك في الآخرة نصيب.
ويقول علي (عليه السلام): (ينبغي أن يكون الرجل مهيمناً على نفسه - لا أن تسيطر نفسك عليك وتوجّهك، فالله أعطاك عقلاً تعرف من خلاله الخير والشر، فحكّم عقلك واجعله يحركك في خط إيمانك بالله ومعرفتك به، واجعله يحكم على نفسك - مراقباً قلبه - أن تراقب خفقات قلبك في الحب والبغض والنيات الطيبة والخبيثة - حافظاً لسانه).