الله رب العالمين

الله رب العالمين

أول الواجبات عقلاً على الإنسان أن يكون إنساناً!
لا يتصرف كالحيوان..
يكون عقله معه.. يكف شره.. يحب لغيره ما يحبه لنفسه..
ألا يحب لنفسه الأمن والعيش؟
أول ما يجب أن يفكر فيه الإنسان كإنسان يخاطب نفسه قائلاً :

أنا إنسان.. وهذا الآخر إنسان.. أحب كذا وكذا.. وهو كذلك.. عندي عائلة.. وهو كذلك..
أشياء بدهية.
إذا بدأ الإنسان مما يعرف, يقيناً قاده الله بهذه البدهيات إلى ما لا يعرف، وأما القفز على هذه البدهيات فهي من الكبر، ولذلك يوصله الكبر الى الإثم!
إذا رإيت عاملاً في الشارع, لا تظن أن المشهد عادي، هذا العامل له قلب مثلك.. وعقل وحس وعائلة وغربة، ويزيد عليك بالهم والغم والتعب.. الخ..

كن إنسانا!
اسأل نفسك:
لماذا هو في هذه الشمس والتعب والغربة وأنت في راحة بين أهلك وأطفالك؟

هل تظن أن من يوم ولادتك يجب على الله أن يجعلك هكذا مكرماً؟
هل تظن أن رب العالمين سيجمع لك السعادتين في الدنيا والآخرة ويجمع عليه الشقاء في الدنيا والآخرة؟!
هل معقول أنك ترى الله بهذه العبثية؟!
متأكد؟
هل تظن أن الله ربك فقط وليس ربه؟! رحيم بك فقط وليس به غفور لك فقط وليس له!
عجباً لك!!
هل أنت متأكد فعلاً أنك بهذا الدلال والعزة المولودة معك؟
هل سمعت بمقولة ذلك المؤمن (من كثر حظه في الدنيا قلّ حظه في الآخرة)؟
ألا ترى أن هذا أنسب لعدل الله ورحمته وحكمته؟!
فماذا عليك في المقابل؟
وقبل ذلك:
هل سمعت من قبل بالآية الكريمة:

(ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ) [سورة ألتكاثر]؟!
هل سمعت بآية تتوعد بالسؤال عن الشقاء والجحيم؟
إذاً لا تفرح لأنك مسؤول..
لا تظن أن ما أنت فيه - من نعيم وعزة وكرامة الخ - لا تظن أنك لن تُسال عنه!
لا تظن أن هذا هو كرامة وتدليل إلهي.. هو ابتلاء:
( فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ ) [سورة ألفجر]
نعم هذا ظن المغرور.. أكرمني! بينما هذا ابتلاء عظيم (إذا ما ابتلاه ربه) انت مبتلى من جانب النعمة أصعب مما يبتلي فيه أهل المشقة..
ابتلاؤهم خفيف!
سيأتي يوم تتمنى فيه - أيها المغرور بالظواهر - سيأتي يوم تتمنى فيه أنك كنت عامل نظافة طوال عمرك، لأن الله سيسألك عن النعيم ولن يسألهم عن الجحيم!
لا تتكبر.. لا تغتر.. تذكر أنه بقي رب للعالمين سيسألك عن النعيم، وهو الذي وضع الميزان، فمن كثر حظه في الدنيا قل حظه في الآخرة.. كما قال الإمام علي
حق لك - إذا رأيت شقياً في هذه الحياة - أن تغبطه..
قل : هنيئاً لك خفة المؤونة يوم السؤال عن النعيم!
قل لنفسك: ويلي.. كم من نعيم سيسألني الله عنه؟!
قل لصاحب الشقاء المعجل : هنيئاً لك! لا تبذر في مال ولا تسرف في فجور.. قد تقدم عذابك في هذه الدنيا وتأخر عذابنا.. هنيئاً لك العذاب الأصغر!
ومع ذلك لا تيأس، هناك أمل.. حاسب نفسك.. شارك أهل الحزن في حزنهم.. واسِ أهل الفقر وخفف عنهم.. 
كن إنساناً!