الإمام علي ابن محمد الهادي (النقي) هو الإمام العاشر من الأئمة الإثني عشر. أبوه الإمام محمد الجواد (ع) و أمه السيدة سُمانة. سمانة هيَ زوجة الإمام محمد الجواد (ع) الطاهرة ووالدة الإمام علي الهادي (ع) من النساء الكاملات والفاضلات وكان الناس يلقبوها " بالسيّدة " وهيَ من المغرب.
محمد بن فرح الرخجي من أهالي رخج وهيَ قرية في مدينة كرمان الايرانية . كان من أصحاب الإمام الرضا (ع) والإمام علي الهادي (ع) رُويَ :أن في أحد الأيام دعاه الإمام الجواد (ع) وأعطاه 70 ديناراً وقال لهُ: ستصل قافلة من المدينة قريباً وفيها جاريات (إمَاء) للبيع وشرح لي خصوصيات وأوصاف إحدى الجاريات وطلب أن اشتريها . جاءت القافلة وذهبتُ لشراء الجارية الاّ أن صاحب القافلة اعتذر وقال أنّ الجارية مريضة ولكني بناءً على أمر الإمام اشتريت الجارية وأخذتها الى الإمام الجواد (ع).
تزوجَ الإمام الجواد (ع) سُمانة ، ويقول عن فضيلة زوجتهِ سمانة: أنّ اسمها سمانة وأنها أَمَة عارفة بحقي وهيَ في الجنّة ولا يَقْرَبُها شيطان مارد ولا ينالها كيدُ جبار عنيد وهيَ كانت بعين الله التي لا تنام ولا تخلف عن أمهات الصديقين والصالحات.
ولد الإمام الهادي (ع) في الثاني أو الخامس من شهر رجب من سنة أربع عشر بعد المئتين للهجرة (829ميلادي) في المدينة و كان استشهاده في الثالث من شهر رجب من سنة أربع و خمسين بعد المئتينللهجرة (868 ميلادي) بعد أن دس المعتز العباسي السم له. ضريح الإمام الهادي (ع) يقع في سامراء في العراق إلى جانب ضريح ابنه الإمام الحسن العسكري (ع). لأن الإمام الهادي كان أيضاً العسكري من أحد ألقابه يُسمى هو و أباه عليهما السلام بالعسكريين. من ألقابه الأُخرى النقي و الهادي.
حصل الإمام الهادي (ع) كوالده (ع) منذ صغره على تربية تمهد لإمامته و تؤهله لهذا المنصب الإلهي العظيم. عندما استشهد والده الإمام الجواد (ع) في السنة العشرين بعد المئتين للهجرة كان عمره الشريف ثماني سنوات و في هذا العمر الحديث انتقلت الإمامة إليه و بدأ بتحمل مسؤؤلياتها الجسيمة.
عايش الإمام علي الهادي (ع) عدة خلفاء عباسيين و هم المأمون و المعتصم و الواثق و المتوكل و المنتصر والمستعين المعتز. ستة من هؤلاء كانوا حكام في عصر إمامته.
الإمام الهادي (ع) عايش أيضاً في السنة السادسة و العشرين بعد المئتين للهجرة كيف أمر المتوكل العباسي أمر بإغراق ضريح الإمام الحسين بماء نهر الفرات حتى ينقطع الناس عن زيارة الضريح في كربلاء و حتى يمحيعاشوراء من ذهن الناس.
حاول العباسيون بشتى الوسائل قطع الاتصال بين الإمام الهادي (ع) و أتباعه. في السنة الثالثة و الأربعين بعد المئتين للهجرة أجبر المتوكل العباسي الإمام الهادي (ع) على القدوم إلى سامراء ليتمكن من مراقبته و التضييق عليه بشكل أفضل. كان عمر الإمام الهادي (ع) وقتها يناهز الاثنين و العشرين عاماً. و بذلك أخذ الإمام الهادي (ع) ابنه الذي كان عمره أريع سنوات و الذي أصبح فيما بعد خليفته في الإمامة أي الإمام الحسن العسكري (ع)معه إلى سامراء. مع أن الإمام الهادي (ع) كان مدعواً شخصياً أُلزم أن يدخل المدينة في الليل و أن يقطن في فندق سيئ جداً. و لم يكفي ذلك بل أن الإمام و عائلته أرغموا على أن يمشوا خلف المتوكل على أرجلهم بينما كان هو راكباً على فرسه. بيت الإمام الهادي (ع) كان مراقباً مراقبة شديدة و كان يفتش على الدوام و خاصة في الليل. الإمام كان يواجه كل ذلك بحلم و كرم أخلاق حتى أنه كان يساعد الرجال الذين يفتشون البيت في عملهم. غالباً ما كان الإمام الهادي (ع) مشغولاً بالصلاة و العبادة و قراءة القرءان الكريم عندما كانوا يقدمون للتفتيش. و قد بلغ الأمر أيضاً أن الإمام الهادي (ع) قضى عدة سنين في السجن.
في إحدى الروايات ورد أن المتوكل العباسي أمر جنوده فكبسوا بيت الإمام الهادي (ع) ليلاً على حين غرة منه، فوجدوه وحده في غرفة مغلقة، وعليه مدرعة من شعر وعلى رأسه ملحفة من صوف، وهو مستقبل القبلة يترنّم بآيات من القرآن في الوعد والوعيد ليس بينه وبين الأرض من بساط إلا الرمل والحصا فأخذ على الصورة التي هو عليها، وحمل إلى المتوكل في جوف الليل فمثل بين يديه والمتوكل يتعاطى الشراب، وفي يده كأس فلمّا رآه عظمه وأجلسه إلى جانبه ولم يكن في داره شيء مما قيل عنه ولا حجّة يتعلل عليه بها، فناوله المتوكل الكأس التي بيده فقال: يا أمير المؤمنين، ما خامر لحمي ودمي قط، فاعفني منه فأعفاه، وقال له: أنشدني شعراً أستحسنه، فقال: إني لقليل الرواية للشعر، قال المتوكّل متوعداً: لا بدّ أن تنشدني، فأنشده:
باتوا على قلل الأجيال تحرســهم غلب الرجال فــــما أغنتهم القلل
واستنزلوا بعد عزّ عن معاقلــهم فأودعوا حـــفراً يا بئس ما نزلوا
ناداهم صارخ مــن بعدما قــبروا أين الأســرّة والتيــجان والحلـــل
أين الوجوه التـــي كانــت منعّمة من دونها تُضرب الأستار والكلل
فأفصح القبر عنهـم حين سائلهم تلك الوجوه عليها الــدود يقـتــتل
قــد طالما أكلوا دهراً وما شربوا فأصبحوا بعد طول الأكل قد أُكِـلوا
و طالما عمّروا دوراً لتُحصنهم ففارقوا الدورَ و الأهلينَ وارتحلوا
و طالما كنزوا الأموال و ادّخروا فـخلّفوها على الأعداء و انتقلوا
أضـحـت منازلُهم قفراً معطلةً و ساكنوها الى الاجداث قد رحلوا
فأشفق من حضر على الإمام الهادي (ع)، وظنّ أن بادرة تبدر إليه، فبكى المتوكّل بكاءً كثيراً حتى بلّت دموعه لحيته، وبكى من حضره ثم أمر برفع الشراب.
حسب بعض الروايات ترك المتوكل العباسي للوحوش المفترسة و لكنه صعق دهشةً عندما رأى الحيوانات المفترسة تُطأطأ رأسها بكل طاعة للإمام علي الهادي (ع). عندما مرض المتوكل في إحدى المرات و عجز الأطباء عن معالجته طُلب من الإمام الهادي (ع) أن يُعطيه الدواء المناسب. الإمام الهادي بدوره أعطاه دواء بسيطاً أدى إلى شفائه فوراً. سياسة الظلم و الاضطهاد لم ينفرد بها المأمون فقط و إنما أيضاً ملوك بني العباسالذين خلفوه في الحكم. فقد مارسوا هم أيضاً نفس السياسة مع الإمام علي الهادي (ع) و عائلته و أتباعه. في نهاية المطاف دُس السم للإمام الهادي (ع) بأمر من المعتز العباسي و استشهد الإمام الهادي في الخامس عشر من شهر ذي الحجة من سنة أربع و خمسين بعد المئتين للهجرة. قام ابن الإمام الهادي (ع) الإمام الحسن العسكري (ع) بمراسم دفن والده في بيته في سامراء .
كان للإمام الهادي (عليه السلام) من الذكور أربعة، وبنت واحدة، فالذكور هم
السيد محمد، وكنيته أبو جعفر
الإمام الحسن العسكري (ع)ا
جعفر
الحسين.
وأما البنت فاسمها: علية.
وذكر بعض النسابين، زيداً وموسى وعبد الله ولكنهم غير معروفين.
في الثاني و العشرين من شهر شباط سنة 2006 ميلادية دمر تفجير قوي ضريح الإمامين العسكريين و قبة المقام الذهبية. القوات الأمريكية المحتلة للعراق اتهمت متطرفين بهذا العمل و لكن المسلمين بمختلف طوائفهم ومذاهبهم اتهمواالقوات الأمريكية بهذا العمل الإجرامي لهذا المكان المقدس.
من أدعية الإمام علي الهادي (ع) عند قضاء الحوائج: يا عدتي عند العدد، ويا رجائي والمعتمد، يا كهفي والسند، يا واحد يا أحد، ويا قل هو الله أحد، أسألك اللهم بحق من خلقت من خلقك، ولم تجعل في خلقك مثلهم أحداً، أن تصلي عليهم، وان تفعل بي كذا وكذا.
و قد قال فيه الإمام علي الهادي (ع): هذا الدعاء كثيرا ما أدعو به عند الحوائج فتنقضي، وقد سألت الله عز وجل أن لا يدعو به بعدي أحد عند قبري إلا استجيب له.
انظر أيضاً صور ضريح الإمامين العسكريين (ع) 1984