هو السيد محمد حسين عبد الرؤوف فضل الله (رحمه الله). وينتهي به النسب إلى الإمام الحسن السبط ابن الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام). وكفى بذلك فخراً، مع إيمانه (رحمه الله) بأن الفخر الحقيقيّ إنما هو بالعمل الصالح، والتزام التقوى والفضائل والأخلاق الحميدة.
هكذا فهم السيد محمد حسين فضل الله (رحمه الله) الحياة منذ طفولته، فكتب وهو لا يزال في العاشرة من عمره:
«فمن كان في نظمِ القريضِ مفاخراً |
ففخريَ طُرّاً بالعُلا والفضائِـلِ |
الولادة الميمونة والنشأة المباركة
ولد العلاّمة السيد محمد حسين فضل الله في النجف الأشرف في العراق، في 19/شباط/1935م، الموافق ١٩/شعبان/١٣٥٤هـ.
وهكذا كانت ولادته «في تلك المنطقة الشيعيّة المقدَّسة من العراق، في النجف الأشرف، على كتف الصحراء، حيث تولَّد فيه الإحساس باللانهاية، وانعكس ذلك في شعره الوجدانيّ والعرفانيّ معاً. كما أنَّه ولد في مدينةٍ تتَّصل فيها قبور الأموات بمنازل الأحياء، هناك في مقبرة وادي السلام، حيث قبور الأولياء والعلماء والمنذورين…، ربما لا يعرف الواحد أين تبتدئ المقبرة وأين تنتهي المدينة»[2].
نشأ السيد فضل الله (رحمه الله) في كنف والده المرجع الدينيّ السيد عبد الرؤوف فضل الله وعمّه السيد محمد سعيد فضل الله (رحمهما الله)، وتأثَّر بهما كثيراً، ولا سيّما أسلوب والده التربويّ المنفتح الذي لا يضع أيّ حاجزٍ أمام أيّ سؤال ما دام السائل في صدد البحث عن الحقيقة وتحصيل اليقين.
«وتزامنت ولادته مع بزوغ حركة الإصلاح السياسيّ في بداية الثلاثينات، حيث كان المعسكران الرأسماليّ والشيوعي يتجاذبان الواقع الدوليّ»[3].
«وعاصر أيضاً بروز حركة الإصلاح الدينيّ للمرجع محسن الأمين، ونقده للممارسات الدينيّة المتمثِّلة بالمجالس الحسينيّة التي تعرض ثورة الإمام الحسين بأسلوب غير صحيح، يمتزج بالخرافة والأساطير، فضلاً عن نقد الأساليب المتَّبعة في تدريس العلوم الدينيّة، وضرورة أن تكون المناهج حديثة وسلسة»[4].
العلاّمة فضل الله في مسيرته العلميّة
1ـ دراسته
لم يتجاوز السيد محمد حسين فضل الله (رحمه الله) المرحلة الابتدائيّة في دراسته الأكاديميّة، وانتقل منها إلى الدراسة الدينيّة. وقد بدأ دراسته الدينيّة في النجف الأشرف في سنٍّ مبكرة جدّاً، في سنة 1363هـ، وكان عمره آنذاك 11 سنة، فأكمل دروس المقدّمات والسطوح كلّها على يد والده السيد عبد الرؤوف فضل الله (رحمه الله)، ولم يكن له في تلك المرحلة أستاذٌ آخر غير والده، إلاّ في ما يسمّى بـ «كفاية الأصول»، حيث درس الجزء الثاني منها على يد أحد الأساتذة الإيرانيّين، وهو الشيخ مجتبى اللنكراني[5]. ولما بلغ السادسة عشرة من عمره بدأ الحضورَ الفاعل في دروس البحث الخارج عند كلٍّ من: السيد أبو القاسم الخوئيّ (رحمه الله)؛ والسيد محسن الحكيم (رحمه الله)؛ والشيخ حسين الحلّيّ (رحمه الله)؛ والسيد محمود الشاهروديّ (رحمه الله). كما درس الفلسفة على يد أبرز أساتذة الفلسفة في النجف، وهو الملاّ صدرا القفقازي، المعروف بـ «صدرا البادكوبي»، وذلك بوصية من أستاذه السيد الخوئيّ (رحمه الله)[6]. واستمرّت دراسته حتى عام 1385هـ.
وقد ظهرت علامات النبوغ واضحةً جليّةً على السيد فضل الله، فكان مثالاً للطالب المجدّ، ما لفت أنظار أقرانه إليه، حتّى أن السيد الشهيد محمد باقر الصدر قد أخذ تقريرات بحث السيد فضل الله إلى السيد الخوئيّ؛ لكي يُطْلِعه على مدى الفضل الذي كان يتمتَّع به، فأقرّ له بذلك، وهكذا نال السيد فضل الله ثقة أستاذه، وأصبح وكيلاً مطلقاً عنه في الأمور التي تناط بالمجتهد العالم.
2ـ النتاج العلميّ المتميِّز
لم يقصر السيد فضل الله (رحمه الله) نفسه على الدراسة الحوزويّة التقليديّة، وإنّما انفتح على عالم الثقافة بأسره، فكان القارئَ النَّهِمَ لشتّى الإصدارات الأدبيّة والثقافيّة، على اختلاف مشاربها، والشاعرَ الملتزم، والأديبَ الناقد، والكاتبَ الهادف، والخطيبَ المفوَّه، والباحثَ عن الحقيقة أينما وجدها.
«كان يقرأ المقالات التي يكتبها الأدباء والمفكِّرون في المجلاّت المصريّة واللبنانيّة التي كانت تصل إلى النجف آنذاك، فكان يقرأ ـ في سنّ العاشرة ـ «مجلّة المصوّر» المصريّة، و«مجلّة الرسالة» التي كان يصدرها حسن الزيّات، و«مجلّة الكاتب» التي كان يصدرها طه حسين، وغيرها»[7].
وانطلق في مشواره الأدبيّ وهو ابن عشر سنين، فنظم الشعر فصيحاً بليغاً هادفاً راقياً سامياً، فقال:
والدينُ هو عقيدةٌ شعَّتْ على أُفُق الوجودِ |
ومبادئُ توحي لنا روحَ التضامنِ والصمود |
وعمد مع «مجموعة من زملائه، ومنهم: السيد محمد مهدي الحكيم، نجل المرجع السيد محسن الحكيم، إلى إصدار مجلة خطّية باسم (الأدب). يقول العلاّمة المرجع السيد فضل الله (رحمه الله) في هذا المجال: وكنا نحرِّرها في سنّ العاشرة أو الحادية عشرة في ذلك الوقت، وكنّا نكتب عدداً كلّما زاد مشتركٌ، وكنا نعيش هذا الهاجس في أنفسنا»[8].
«وعندما أصدرت جماعة العلماء في النجف الأشرف مجلة (الأضواء) سنة1380هـ، وهي مجلة ثقافيّة إسلاميّة ملتزمة، كان سماحته أحد المشرفين عليها، مع السيد الشهيد محمد باقر الصدر والشيخ محمد مهدي شمس الدين.
يقول سماحته: كان السيد محمد باقر الصدر، في السنة الأولى منها، يكتب افتتاحيّتها بعنوان «رسالتنا»، وكنت أكتب أنا الافتتاحيّة الثانية بعنوان «كلمتنا»، وقد جمعتُ هذه الافتتاحيات في كتابي «قضايانا على ضوء الإسلام»»[9]. وقد استمر يكتب في تلك المجلّة مدّة 6 سنوات.
3ـ تدريسه
ومع تميُّزه الواضح من الناحية العلميّة قصَدَتْه في النجف الأشرف مجموعاتٌ عدّة من الطلاّب ليكون لها أستاذاً، «فعمد ـ وهو لا يزال طالباً في دروس البحث الخارج ـ إلى تدريس اللمعة الدمشقية، والرسائل، والكفاية أيضاً»[10].
وعاد السيد فضل الله ـ أواخر العام 1966م ـ إلى لبنان وطنه الأمّ مبلِّغاً وداعيةً إلى الله تعالى، استجابةً لقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾، غير أنّه لم ينقطع عن العطاء العلميّ، واستمرّ في التدريس الحوزويّ في مرحلة السطوح، ثمّ درّس بحث الخارج في الفقه والأصول لأكثر من عشرين عاماً، وكان يحضر درسه في بيروت ما يزيد عن مئة طالبٍ من اللبنانيّين والعراقيّين وغيرهم، وقد درس على يديه العديد من أهل العلم والفضل وأساتذة الحوزة، وقد صدرت جملةٌ من التقريرات لأبحاثه في النكاح والرضاع والوصيّة والمواريث والقضاء، وغيرها، بالإضافة إلى مئات أشرطة التسجيل الصوتيّ في الأبواب الفقهيّة والأصوليّة المتنوِّعة.
وبالإضافة إلى درس الخارج في بيروت، كان يدرِّس البحث الخارج في حوزة المرتضى في دمشق ـ سوريا، في يومَيْ السبت والأحد من كلّ أسبوع، وكان يحضر درسه العديد من طلاّب العلم وأساتذة الحوزة، من العراقيّين والخليجيّين بشكل خاصّ، ممَّنْ هاجروا إلى الشام، وأقاموا في جوار السيدة زينب (عليها السلام)، وقد درّس سماحته في أبوابٍ مختلفة من الفقه، وطبع من تقريراته كتاب فقه الإجارة، وفقه الشركة، وفقه مناسك الحجّ.
4ـ طلاّبه
تلمّذ على يد العلاّمة فضل الله عددٌ وافرٌ جدّاً من الطلاّب، يُعدّون بالمئات، ونذكر هاهنا نذراً قليلاً منهم: السيد إبراهيم أبو الحسن، رئيس المجلس السياسيّ في حزب الله السيد إبراهيم أمين السيد، الشيخ إبراهيم بلّوط، الشيخ إبراهيم خازم، الشيخ إبراهيم شرارة، الشيخ إبراهيم قصير، الشيخ أحمد حمدان، الشيخ أحمد صالح، المفتي الشيخ أحمد طالب، السيد أحمد نسيم عطوي، الشيخ أحمد كوراني، الشيخ أسعد فنيش، الشيخ أيمن همدر، الشيخ جعفر الشاخوري (من البحرين)، ولده السيد جعفر فضل الله، الشيخ جهاد فرحات، الشيخ حسان عبد الله، السيد حسان ياسين، الشيخ حسن البغدادي، الشيخ حسن بدوي، الشيخ حسن حلاّل، الشيخ حسن شاهين، الشيخ حسن مشيمش، الشيخ حسن مَلَك، الشيخ حسن مهدي، الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، الشيخ حسين الخشن، الشيخ حسين درويش، الشيخ حسين عبد الله، الشيخ حسين مرعي، الشيخ حمدان حمدان، الشيخ خضر عامر، الشيخ خليل شقير، الدكتور الشيخ خنجر حمية، الشيخ الشهيد راغب حرب، الشيخ رضوان المقداد، الشيخ زهير كنج، الشيخ زين العابدين بن سرحان، السيد شريف السيد، السيد شفيق الموسوي، الأمين العام الأسبق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي، الشيخ صلاح العسّ، الشيخ عادل مونس، الشيخ عباس السبلاني، الشيخ عباس حسن، السيد عباس علي الموسوي، الشيخ عبد الإله دبوق، الشيخ عبد الرسول حجازي، الشيخ عبد العزيز سلامة، مسؤول وحدة العمل الاجتماعيّ في حزب الله الشيخ عبد الكريم عبيد، السيد عبد الله الغريفي (من البحرين)، الشيخ عبد الله عسّاف، الشيخ عبد المجيد عبّاس (من سوريا)، عضو المكتب السياسيّ في حزب الله الشيخ عبد المجيد عمّار، الشيخ عبد المنعم مهنا، السيد عطا الله جعفر، الشيخ علي العفّي، الشيخ علي حلاوي، الشيخ علي خازم، الشيخ علي سْلِيم، الشيخ علي سماحة، الشيخ علي سنان، الشيخ علي سويدان، الشيخ علي شحرور، الشيخ علي شحيمي، عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب السابق الشيخ علي طه، الشيخ علي عباس نبهان، ولده السيد علي فضل الله، السيد علي فضل الله، الشيخ الشهيد علي كريّم، الشيخ علي كوثراني، الشيخ عماد قاسم، السيد فيصل أمين السيد، الشيخ مالك سليمان، الشيخ محسن سليمان حيدر، الشيخ محسن عطوي، الشيخ محمد أديب قبيسي، السيد محمد الحسيني، مدير مكتب الوكيل الشرعيّ العامّ للإمام الخامنئيّ في بيروت الشيخ محمد توفيق المقداد، الشيخ محمد جعفر شمس الدين، أخوه السيد محمد جواد فضل الله، الشيخ محمد حسن، الشيخ محمد عباس دهيني، رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب الحاج محمد رعد، الشيخ محمد شحرور، الشيخ محمد عسّاف، أخوه السيد محمد علي فضل الله، الشيخ محمد عمرو، عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب والوزير الحاج محمد فنيش، السيد محمد كاظم فضل الله، الشيخ محمد محسن الفقيه، الشيخ محمد مراد، رئيس الهيئة الشرعيّة في حزب الله الشيخ محمد يزبك، الشيخ محمود جبق، الشيخ محمود هيدوس، الشيخ مرتضى حسن، الشيخ مصطفى خشيش، الشيخ مصطفى عسّاف، الشيخ مصطفى قماطي، الشيخ ناصر الحركة، الشيخ نجيب صالح، الدكتور السيد نجيب نور الدين، الشيخ نزيه قميحة، السيد نسيم عطوي، نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، الشيخ وهيب مغنية، الشيخ ياسر يوسف عودة، الشيخ يوسف حسن سبيتي، رئيس تجمُّع علماء جبل عامل الشيخ يوسف دعموش، الشيخ يوسف عاصي، الشيخ يوسف علي سبيتي، الشيخ يوسف عمرو، الشيخ يوسف قاروط، الشيخ يوسف كنج، الشيخ يوسف نبها، وغيرُ هؤلاء كثيرٌ جدّاً.